عن أنس قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:
{ قال الله تعالى: يا ابن آدم ! إنك ما دعـوتـني ورجوتـني
غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي،
يا ابن آدم ! لو بلغـت ذنـوبك عـنان السماء، ثم استغـفـرتـني غـفـرت لك،
يا ابن آدم ! إنك لو اتيتني بقراب الأرض خطايا
ثم لقيتـني لا تـشـرك بي شيئاً لأتـيـتـك بقرابها مغـفـرة }.
[رواه الترمذي:3540، وقال: حديث حسن صحيح].
شرح الحديث
هذا الحديث من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي
أنه قال جل وعلا: { يا بن آدم } الخطاب لجميع بني آدم،
{ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك }،
{ ما } شرطية يعني: متى دعوتني ورجوتني.
{ دعوتني } أي: سألتني أن أغفر لك.
{ رجوتني } رجوت مغفرتي ولم تيأس،
{ غفرت لك } هذا جواب الشرط والمغفرة ستر الذنب والتجاوز عنه
أي: أن الله يستر ذنبك عن الناس ويتجاوز عنك فلا يعاقبك.
وقوله: { على ما كان منك ولا أبالي } يعني على ما كان منك من المعاصي
وهذا يشهد له قوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
{ يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء } يعني: لو بلغت أعلى السماء،
{ ثم استغفرتني غفرت لك } يعني: مهما عظمت الذنوب حتى لو وصلت السماء
بكثرتها ثم استغفرت الله بصدق وإخلاص وافتقار غفر الله لك.
{ يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة }
قرابها يعني قرب ملئها إذا لقي الإنسان ربه عزوجل بقراب الأرض
أي: ملئها أو قربها خطايا لكنها دون الشرك
ولهذا قال: { ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مفغرة }
وهذا يدل على فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب.
في هذا الحديث من الفوائد:
أن الإنسان مهما دعا الله بأي شيء ورجا الله في أي شيء إلا غفر له.
ومن فوائده: بيان سعة فضل الله عزوجل .
ومن وفوائده; أن الذنوب وإن عظمت إذا استغفرالإنسان ربه منها غفرها الله له .
ومن فوائد هذا الحديث: فضيلة الإخلاص وأنه سبب لمغفرة الذنوب
وقد قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ
[النساء:48].
فنسأل الله تعالى أن يعمنا جميعاً بمغفرته ورضوانه وأن يهب لنا منه رحمته إنه هو الوهاب.
المصدر / الأربعون النووية
المفضلات