السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( الصراط )
قال الله تعالى في كتابه العظيم : ( يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين
أيديهم وبأيمانهم بُشراكم اليوم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو
الفوزُ العظيم ** يوم يقولُ المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم
قيل ارجعوا ورآئكم فالتمسوا نوراً فضُرب بينهم بسورٍ له باب باطنه فيه الرحمه وظاهره
من قبله العذاب ) . سورة الحديد
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل : أين الناس
يوم تُبدلُ الأرضُ غير الأرض والسماوات ؟ فقال ( هم في الظلمة دون الجِسر ) .
يقول الله تعالى مخبراً عن المؤمنين المتصدقين : أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم في
عرصات القيامة .. بحسب أعمالهم ..
كما قال عبدالله بن مسعود في قوله تعالى ( يسعى نورهم بين أيديهم ) . قال : على قدر
أعمالهم .. يمرون على الصراط .. منهم من نوره مثل الجبل .. ومنهم من نوره مثل النخلة ..
ومنهم من نوره مثل الرجل القائم .. وأدناهم نوراً من نوره في إبهامه .. يتّقد مرة ويطفأ مرة .
وقال الضحاك : ليس أحد إلا يعطى نوراً يوم القيامة .. فإذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور
المنافقين .. فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفئ نور المنافقين ..
فقالوا : ربنا أتمم لنا نورنا .
وعنه أيضاً : قال : يجمع الله الناس يوم القيامة .. فينادي مناد : يا أيها الناس , ألم ترضوا
من ربكم الذي خلقكم , وصوركم , ورزقكم , أن يولي كلُ إنسان منكم إلى من كان يتولى
في الدنيا ؟
قال : فيتمثل لمن كان يعبُد عُزيراً شيطانُ عُزير , حتى تُمثل لهم الشجرة , والعودُ , والحجر ,
ويبقى أهل الإسلام جُثوماً , فيقال لهم : ما لكم لم تنطلقوا , كما ينطلقُ الناس ؟
فيقولون : إن لنا ربّاً ما رأيناه بعدُ , قال : فيقال : فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه ؟
قالوا : بيننا وبينه علامةٌ إن رأيناه عرفناه , قيل : وما هي ؟
قالوا : يكشفُ عن ساقٍ , قال : فيخرُّ من كان يعبدُهُ ساجداً , ويبقى قومٌ ظهورهم
كصياصي البقر , يُريدون السجود فلا يستطيعون , ثم يؤمرون فيرفعون رؤوسهم ,
فيُعطون نورهم على قدر أعمالهم ..
قال : فيمُرون على الصراط , كحدّ السيف , دحضٌ مزلةٌ , فيقال لهم : امضوا على قدر
ذنوبكم , فمنهم :
-- من يمر كانقضاض الكوكب ..
-- ومهم من يمر كالريح ..
-- ومنهم من يمر كالطّرف ..
-- ومنهم من يمر كشدّالرّجُل , ويرملُ رملاً ..
فيمرون على قدر أعمالهم , حتى يمُر الذي نوره على إبهام قدمه , تخرُّ وتعلقُ , يدٌ ,
وتخرُّ رِجلٌ , وتعلقُ رِجلٌ , وتُصيبُ جوانبه النار ..
قال : فيخلصون , فإذا خلصوا قالوا : الحمدُلله الذي نجانا مِنكِ , بعد الذي أراناكِ , لقد أعطانا الله
ما لم يُعط أحداً ..
وقد قال بعضُ الوعاظ فيما حكاه القرطبي : فتوهم يا أخي .. إذا صرت على الصراط ,
ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مُدلهمة , وقد لظي سعيرُها , وعلا لهيبُها , وأنت تمشي
أحياناً , وتزحفُ أخرى , ثم أنشد :
-- أبت نفسي تتُوبُ فما احتيالي ... إذا برز العبادُ لذي الجلال
-- وقامت من قبورهم حيارى ... بأوزار كأمثال الجبال
-- وقد نُصب الصراط لكي يجوزوا ... فمنهم من يُكبُ على الشمال
-- ومنهم من يسيرُ لدار عدنٍ ... تلقّاهُ العرائس بالغوالي
-- يقولُ لهُ المُهيمن : يا ولييّ ... غفرتُ لك الذنوب فلا تُبال
والله ولي التوفيق .. وهو الهادي إلى سواء السبيل .
المفضلات