الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد
فان التوبة الى الله تعالى والرجوع اليه سبحانه بفعل ما اوجب وترك ما حرم واجبة على كل مكلف ويجب على كل مسلم عاص لربه التوبة في الحال من دنوبه وترك الاصرار على الدنوب ويدل على حاجة الخلق كلهم الى التوبة ان الله تبارك وتعالى امر المؤمنين بها جميعا فقال تعالى" وتوبوا الى الله جميعا ايه المؤمنون لعلكم تفلحون" سوره النور الايه 31وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الخطا طبيعة بشريه وان خير الناس هو اللذي لا يصر على الخطا بل يلجا الى الله ويتوب اليه فقال صلى الله عليه وسلم ( كل بني ادم خطاء وخير الخطائين التوابون) "رواه ابن ماجه" . قال الامام المقدسي في ( مختصر منهاج القاصدين ) ( التوبة واجبة على الدوام فان الانسان لا يخلو من معصية اذ لو خلا من معصية الجوارح لم يخل من الهم بالذنب بقلبه وان خلا عن ذلك لم يخلو عن وسواس الشيطان بايراد الخواطر المتفرقة المذهلة عن ذكر الله تعالى ولو خلا عنه لم يخل عن غفلة وقصور في العلم بالله تعالى وصفاته وافعاله وكل ذلك نقص ولا يسلم احد من هذا النقص وانما الخلق يتفاوتون في المقادير واما اصل ذلك فلا بد منه) . ومثلما امر الله عباده بالتوبة نهاهم عن القنوط من رحمة الله مهما بلغت ذنوبهم ومهما عظمت فباب التوبة مفتوح على الدوام قال الله تعالى " الم يعلموا ان الله هو يقبل التوبة عن عباده"سوره التوبه 104وقال تعالى "قل يا عبادي اللذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا "سوره الزمر الايه 53 كما تضافرت الاحاديث النبوية الصحيحة على ان الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر وذلك معناه ان باب التوبة مفتوح للعبد ما دام حيا وما دام نزع الموت لم يفاجئه بعد فاذا دخل في نزع الموت وسكراته لم تنفعه التوبة وكذلك يمنع من قبول التوبة من العبد طلوع الشمس من مغربها وذلك من علامات يوم القيامة حيث لا تنفع التوبةعندها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"ان الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه مسلم ويتوجب على العبد المسارعة الى التوبة بعد ارتكاب المعصية لان الذنوب متى تراكمت على القلب تصبح طبعا وعادة ثم لا يمكن لهذا القلب ان يرجع او يتوب وقد وصف الله تعالى اصحاب الذنوب الكثيرة اللذين لا يتراجعون عن ذنوبهم ولا يتوبون الى الله منها وكيف تؤثر هذه الذنوب على القلوب فتغلفها وتمنعها سماع صوت الحق والخير والهدى وصفها بقوله تعالى" كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " المطففين الايه 14وقد اورد القرطبي في تفسيره لهذه الاية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"ان العبد اذا اخطا خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فاذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه فان عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه وهو الران اللذي ذكر الله في كتابه" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح . قال المفسرون الران هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب. وقال ابو بكر بن عبد الله ( ان العبد اذا اذنب صار في قلبه كوخز الابرة ثم اذا اذنب ثانيا صار كذلك ثم اذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل او كالغربال لا يعي خيرا ولا يثبت فيه صلاح ......وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يامر اصحابه بالاستغفار يوميا فقد روى البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال" والله اني لاستغفر الله واتوب اليه في اليوم اكثر من سبعين مرة" . قال ابن عطاء السكندري في (( تاج العروس)) اذا وقع من العبد ذنب وقع معه ظلمة فمثال المعصية كالنار والظلمة دخانها كمن اوقد النار في بيت سبعين سنة الا ترى انه يسود كذلك القلب يسود بالمعصية فلا يطهر الا بالتوبة الى الله فصار الذل والظلمة والحجاب مقارنا بالمعصية فاذا تبت الى الله زالت اثار الذنوب واذا كان العبد مامورا بالتوبة والمسارعة بالعودة عن الذنب خشية ان يسود قلبه من كثرة المعاصي فانه مامور كذلك بان يسعى لنيل محبة الله تعالى حيث قال عز وجل في كتابه العزيز (( ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)) .سوره البقره 222قال ابن القيم في (( مدارج السالكين)) ( التوبة هي حقيقة دين الاسلام والدين كله داخل في مسمى التوبة وبهذا استحق التائب ان يكون حبيب الله فان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وانما يحب الله من فعل ما امر به وترك ما نهى عنه) والتوبة في الحقيقة بالنسبة للقلوب هي الدواء اللذي يذهب عنها ما تجده من الالم والحزن اللذين يتبعان المعاصي بعد ارتكابها ولا يمكن للقلب السوي القويم ان ينعم بالراحة والسعادة ان لم يغسل اثار تلك الذنوب بالتوبة والانابة الى الله قال ابن الجوزي في ((بحر الدموع)) يا اخي لا تغسل ادناس الذنوب الا بماء المدامع لا ينجو من قتار المعصية الا من يسارع احضر قلبك ساعة عساه بنائحة الموعظة يراجع كم لي اتلو عليك صحف الموعظة وما اظنك سامع لكن يوم المعصية ما انحسه من طالع ويوم الطاعة مختار وكل سعد فيه طالع اطلب- ويحك - رفاق التائبين وجدد رسائلك للحبيب وطالع مصباح التقوى يدل على الجادة وكم في ظلمة الغفلة من قاطع ابك -ويحك- على موت قلبك وعمى بصيرتك وكثرة الموانع اذا لم يعظك الدهر والشيب والضعف فما انت صانع فبالله يا اخواني بادروا بالمتاب وراجعوا انفسكم قبل يوم الحساب(( ما اعتذاري وامر ربي عصيت حين تبدي صحائفي ما اتيت ما اعتذاري اذا وقفت ذليلا قد نهاني ما اراني انتهيت يا غنيا عن العباد جميعا وعليما بكل ما قد سعيت ليس لي حجة ولا لي عذر فاعف عن زلتي وما قد جنيت)) . ايها المقيم على الخطايا والعصيان التارك لما امر به الرحمن المطيع للغوي الفتان الى متى انت على جرمك مصر, ومما يقربك الى مولاك تفر؟ [/iتطلب من الدنيا ما لا تدركه وتتقي من الاخرة بما لا تملكه لا انت بما قسم الله من الرزق واثق,ولا انت بما امرك به لاحق يا اخي ,الموعظة والله لاتنفعك والحوادث لا تردعك لا الدهريدعك ولا داعي الموت يسمعك كانك يا مسكين لم تزل حيا موجودا وكانك لا تعود نسيا مفقودا...فاز والله المخففون من الاوزار وسلم المتقون من عذاب النار وانت مقيم على كسب الجرائم والاوزار انما الفوز لعبد جاء في الحشر امنا مستريحا هذا واسال الله عز وجل ان يجعل عملي هذا خالصا لوجهه وان يجعله في صحيفة حسناتي ويتجاوز به عن سيئاتي وان يتقبله مني انه سميع قريب مجيب اسال الله العلي القدير لي ولكم السداد والتوفيق باذنه دمتم في رعاية الله وحفظه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعه باحسان الى يوم الدين واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
[IMG]http://www.3rabar*****m/data/media/5/456.jpg[/IMG]
المفضلات